الـنُّشُوز في الأصل يُطلق على الارتفاع .
قال القاضي عياض : الـنَّشْز - بالفتح وسكون الشين وفتحها - ما ارتفع من
الأرض . ومنه نُشُوز الزوجين : أي : تَعَا لِي أحدهما على الآخر ، وإضراره
به وعصيانه له .
وقال ابن الأثير : وقد تكرر في الحديث ذِكْر النشوز بين الزوجين . يُقال :
نَشَزت المرأة على زوجها ، فهي نَاشِز ونَاشِزة : إذا عَصَتْ عليه ،
وخَرَجَت عن طاعته ، ونَشَز عليها زوجها إذا جَفَاها وأضَرّ بِها ، والنشوز
كراهة كل واحد منهما صاحبه ، وسوء عشرته له .
قال تعالى : (وَاللاّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ) .
قال ابن كثير في تفسير الآية : أي : والنساء اللاتي تتخوفون أن يَنْشُزن
على أزواجهن ، والنشوز هو الارتفاع ، فالمرأة الناشز هي المرتفعة على زوجها
، التاركة لأمْرِه ، الْمُعْرِضة عنه ، الْمُبْغِضَة له ؛ فمتى ظَهَر له
منها أمارات النشوز ، فلَيْعِظْها ، وليخوّفها عقاب الله في عصيانه ، فإن
الله قد أوجب حق الزوج عليها وطاعته ، وحَرَّم عليها مَعْصِيَته ، لِمَا له
عليها مِن الفَضْل والإفْضَال ...
قال ابن عباس : يهجرها في المضجع ، فإن أقبلت وإلاَّ فقد أُذِن الله لك أن
تَضْرِبها ضَرْبا غير مُبَرِّح ، ولا تكسر لها عظما ، فإن أقبلت وإلاَّ فقد
أَحَلّ الله لك منها الفدية .
وذلك العلاج للنشوز في حال خوف وقوعه ، أما إذا وقعت البغضاء بين الزوجين ،
أو احتَدم الخلاف ووقع الشقاق ، فيُلجأ إلى التحاكم المذكور في قوله تعالى
: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ
أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ
اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ) .
ولا يجوز للزوج ضرب زوجته ضربا مُبرِّحا ، ولا أن يُضارّ بها لتفتدي منه .
ولا أن يكون الضرب هو أول العلاجات .
والله المستعان .