اهتم الإسلام بالتربية ووضع أساليب التربية للبنات والأولاد وكان لتربية البنات فضل كبير في الإسلام نسبة إلى أهمية المرأة في الحياة الاجتماعية وما تسهم به في المجتمع . و تربية البنات في الإسلام لها من الشرف ما يزيد من المساواة بين الرجل والمرأة في الإسلام ويوضح مدى الحب والعدل في الإسلام بين البنات والأولاد . ومن بين ما كتب في هذا الموضوع .
يقول المفكر الإسلامي محمد على قطب :
إن الهدي النبوي الشريف بحكمته البالغة وإشراقته الناصعة هو الذي يرسم أبعاد فضل تربية البنات وينتظم آماد تلك الفضائل دنيا وآخرة ( يبين الأصول والقواعد التي تقوم عليها التربية ) .
والمنطلق الأول ، أو المرتكز الذي تتمحور حوله حركات الإيجاب أو السلب في إطار البيت والأسرة ، هو : (المسؤولية) . يقول معلم الإنسانية صلى الله عليه وسلم : (( إن الله سائل كل راع عما استرعاه ، حفظ أم ضيع ، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته )) . السائل هو الله تعالى ، والمسئول هو كل راع عما يقع تحت يده ، وفي حوزته ( الأمانة ) الأدبية والمادية التي استرعي عليها واستحفظ ، بشكل عام ، يسأل : هل حفظ أم ضيع ؟ ليكون من ثم الحساب ثواباً أو عقاباً ، ويجيء تحديد الصورة الخاصة من بعد التعميم بسؤال الرجل الذي هو راعي البيت ، عن أهله…، زوجته وأبنائه وبناته…، ماذا قدم لهم ؟ وماذا عمل من أجلهم ؟ وهل راعى ربه ودينه ، وأدى الذي عليه من واجبات ؟ .
وليست إقامة الرجل في هذا المقام اختياراً أو تشريفاً ، ولكنها قسر ، وتكليف ، قلده إياها دوره الطبيعي في الحياة ووظيفته الاجتماعية ، وكلفه من سن لكل مخلوق سننه ، ووضع له ناموسه ومنهجه ،وأهله وهيأه ، الله سبحانه وتعالى ، فلا مناص من السؤال والحساب . تتوزع مسؤولية الرعاية للبيت بين الرجل والمرأة ، الزوج والزوجة ، على ما خلفا وأنجبا ، (( الرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته ، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها )) .
إذاً… ، فالمرأة ( الزوجة ) تحمل نصيبها في الرعاية للبيت من خلال دورها ووظيفتها الطبيعية أيضاً ، وهذا الدور، أو هذه الوظيفة لها جهاتها التي تتوجه إليها ، وأهمها على الإطلاق تربية الأبناء والبنات ، وليس من ريب في أن هذا التوجه وتلك المسؤولية من أعظم ما عرفت البشرية في نشاطاتها الإنسانية .
ولا يظن إنسان أن هناك توافقاً معنوياً بين قول الله تعالى عن أهل الجاهلية : (وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم أيمسكه عن هون أم يدسه في التراب ) وبين قول الرسول : (( من ابتلي من هذه البنات بشيء…))، استناداً إلى كلمة (ابتلي)…، فهذا محال…، لأن معنى الابتلاء هنا: الامتحان والاختبار، على اعتبار ما يتطلبه موضوع تربية الأنثى من جهد ونصب ، ولأنه ذو قيمة وأهمية بالغتين ، ألست ترى قوله صلى الله عليه وسلم : ((… فأحسن إليهن كن له ستراً من النار )) ؟ ستراً من النار ، حفظاً من جهنم .
إن تربية البنات بالإحسان والإتقان ، وعلى منهج الرحمن ، سبيل إلى الرضوان ووقاية من حمم النيران.
وفي أمر تربية البنات في الإسلام قال الشيخ العلامة ابن باز رحمه الله :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من كانت له ثلاث بنات فصبر عليهن وسقاهن وكساهن كن له حجابا من النار ) هن يكن حجابا من النار لوالديهم .
و الحديث عام للأب والأم بقوله صلى الله عليه وسلم : ( من كان له ابنتان فأحسن إليهما كن له سترا من النار ) وهكذا لو كان له أخوات أو عمات أو خالات أو نحوهن فأحسن إليهن فإنا نرجو له بذلك الجنة ، فإنه متى أحسن إليهن فإنه بذلك يستحق الأجر العظيم ويحجب من النار ويحال بينه وبين النار لعمله الطيب .
وهذا يختص بالمسلمين ، فالمسلم إذا عمل هذه الخيرات ابتغاء وجه الله يكون قد تسبب في نجاته من النار ، والنجاة من النار والدخول في الجنة لها أسباب كثيرة ، فينبغي للمؤمن أن يستكثر منها ، والإسلام نفسه هو الأصل الوحيد وهو السبب الأساسي لدخول الجنة والنجاة من النار .
وهناك أعمال إذا عملها المسلم دخل بهن الجنة ونجا من النار ، مثل من رزق بنات أو أخوات فأحسن إليهن كن له سترا من النار ، وهكذا من مات له ثلاثة أفراط لم يبلغوا الحنث كانوا له حجابا من النار ، قالوا يا رسول الله : واثنان . قال : ( واثنان ) ولم يسألوه عن الواحد ، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( يقول الله عز وجل ما لعبدي المؤمن جزاء إذا أخذت صفيه من أهل الدنيا فاحتسب إلا الجنة ) فبين سبحانه وتعالى أن ليس للعبد المؤمن عنده جزاء إذا أخذ صفيه – أي محبوبه – من أهل الدنيا فصبر واحتسب إلا الجنة ، فالواحد من أفراطنا يدخل في هذا الحديث إذا أخذه الله وقبضه إليه فصبر أبوه أو أمه أو كلاهما واحتسبا فلهما الجنة وهذا فضل من الله عظيم وهكذا الزوج والزوجة وسائر الأقرباء والأصدقاء إذا صبروا واحتسبوا دخلوا في هذا الحديث مع مراعاة سلامتهم مما قد يمنع ذلك من الموت على شيء من كبائر الذنوب .