أيهما أفضل الثواب أم العقاب ؟
إن نتائج التجريب على الحيوان توضح أن كلاً من الثواب والعقاب يؤدي إلى
زيادة في التعليم .. ولكن الدراسات الإنسانية توصي بضرورة الاهتمام بقضية
الثواب والاستحسان، وتركز على الثواب لعدة أسباب منها :
الأثر الانفعالي السيئ الذي يصاحب العقاب ، أما الاستحسان ففيه توجيه بناء
لطبيعة السلوك المرغوب فيه أكثر من مجرد معلومات سلبية عن الأشياء التي يجب
أن يتجنبها. وقد ندد ابن خلدون في استعمال الشدة في التربية فقال : »من
كان مَرباه بالعسف والقهر من المتعلمين أو المماليك أو الخدم ، سطا به إلى
القهر ، وضيق كل النفس في انبساطها وذهب بنشاطها ودعا إلى الكسل ، وحمله
إلى الكذب خوفاً من انبساط الأيدي بالقهر عليه، وعلمه المكر والخديعة. ومن
كلام سحنون الفقيه في وصية لمعلم ابنه : « لا تؤدبه إلا بالمدح ولطيف
الكلام ، وليس هو ممن يؤدب بالضرب أو التعنيف» ولعل أجدى الطرق التي ينبغي
إتباعها مع الصغار هي ما ذهب إليه بن مسكويه في الموازنة بين الثواب
والعقاب يقول في ذلك :
ليمدح الطفل بكل ما يظهر من خلق جميل وفعل حسن ويكرم عليه ، وإن خالف في
بعض الأوقات لا يوبخ ولا يكاشف بل يتغافل عنه المربي ... ولا سيما إن ستر
الصبي مخالفته ... فإن عاد فليوبخ سراً ، ويعظم عنده ما أتاه ويحذر من
معاودته .. فإنك إن عودته التوبيخ والمكاشفة حملته على الوقاحة....«
فالعقاب ليس الوسيلة المجدية ، إنه قد يؤدي إلى كف الطفل عن العمل المعيب ،
لكن لن يؤدي إلى حبه للخير المطلوب . ومن ثم سيعاود الطفل ما منعه عن
إثبات ذاته ، وإغضاب الآخرين، فضلاً عن أنه يعوده البلادة والوقاحة .
فالترغيب عموماً أفضل من الترهيب ، والاعتدال هو الميزان.